شعارات انتخابية: عبارات "لزوم ما لا يلزم" وضربات تحت الزنار
- لبنان
- حزيران 24, 2018
النِّصاب الوطنيّ في مسار التغيير الراديكاليّ قائمٌ بجدّية. اليوتوبيا الباحثة عن مركزيّة حديديّة بين قوى ثورة 17 تشرين، يوازيها انغماسٌ في تنظيراتٍ لا تنتهي عن موجِب تعميق المفاهيم، ويتجاوزها بعض إرهاصاتٍ من انفعالاتٍ شوفينيّة مدمِّرة، ويرفُدها انغماسٌ في تأبيد مربّعات نفوذٍ مُفتعلة، هذه اليوتوبيا، وبقدر نُبل مرماها، لكنّها عاجزةٌ عن اقتبال حقيقة أنّ عملانيّة توفّر النصاب الوطنيّ في مسار التّغيير، يفترض تكوُّن رأس حربة واضحة المعالم، وعليه تتلاقى الإرادات الصلبة، على أن تنتفي في رأسِ الحربة خيارات الترؤّس والتّرئيس لصالح توسيع أطُر المواجهة مع المنظومة الحاكمة، من خلال ائتلافات منهجيّة أكثر منه تذويبيّة أو تنافسيّة.
لِمَ أضعتم على لبنان، وأنتم ارتضيتم الحكومة من موقعكم التكنوقراطي المستقِلّ، على ما أصرّيتم في تسويقه بماكياجٍ تجميليّ مُمَوَّه، فرصة بأن يُصدِّق لوهلة أنّ ثمّة من يريد إنقاذه حقيقةً؟
لم نقرأ في لبنان التاريخ صحّ. لم نقرأ حتى الجغرافيا صحّ. إنقضاض، من ائتمنوا على الدولة، على منطق الدولة يشِي بالعمق بهاتين القراءتَين المغلوطتَين. لم ننتمِ بمعنى المصلحة المشتركة أولاً للعَيش معاً. وبالتالي كسرنا منصّة القِيم المشتركة.
ثمّة من لَم يعِ أنّ معادلة الإصلاح الماليّ – الإداريّ – القضائيّ – الاقتصاديّ – الاجتماعيّ لا تستقيم سوى بالعبور حكماً بالإصلاح السياديّ. هؤلاء إمّا قابعون في بواعِث أيديولوجيّة، أو فوائض قوّة، وإمّا مسترسلون في مساراتٍ انتفاعيّة سلطويّة. هؤلاء، من المِحوَرين اللّذين ذكرنا، يبقيان مدعوّين في لحظةٍ ما الى صحوة ضميرٍ أخلاقيّة قبل تلك الوطنيّة.
أقــرّت الحكومــة اللبنانيــة فــي اجتماعها في 30 نيســان خطة “التعافي المالــي”، وتبع ذلك اجتماع بعــد أيام في المقرّ الرئاسي في بعبدا مع رؤساء كتل نيابية لعرضها ومناقشتها. والخطة تحملُ مسمَّيات مختلفة فهي تارة برنامج للتعافي المالــي وطــوراً خطــة إصلاحيــة وإنقاذية وأحيانًــا اقتصادية. لكن بعيدًا عن التســميات وعن بعض الاختلافــات في الارقام بين النســخة الاصلية باللغة الانكليزية وتلك المترجمة للعربية، تحتوي الخطة على تدقيق دفتري للخســائر المالية الحاصلة في لبنان منذ عقود، وهذا التشخيص هو الاول من نوعه منذ تدهور الوضع النقدي والمالي.